رواية مملكتان وجمهورية – نايف فاروق بحري
الحياة من غير حب هي حياة من غير روح.. فالحب هو خمر الروح، وإذا سقيت روحك من خمر الحب كنت ملك الدنيا وسيّدها.. وهكذا يبدو مستهام في مملكة الحب التي اسكنه فيها الكاتب نايف فاروق بحري وهو يختاره بطلاً لروايته “مملكتان وجمهورية”، ففي المملكة الأولى ولد ونشأ وفي المملكة الثانية الثانية درس ونجح وفي الجمهورية وجد حبّ حياته بعد غياب.
في الرواية يرصد الروائي السعودي نايف فاروق بحري تحوّلات المجتمع السعودي في النصف الأول من القرن العشرين وتبدأ منذ المرحلة القَبَلية وصراع الشيوخ على النفوذ إلى مرحلة قيام الدولة على يد مؤسسها الملك عبد العزيز بن سعود، وصولاً إلى اكتشاف النفط وما رافق ذلك من محاولات الاستحواذ عليه من قبل الدول الغربية وأمريكا بشكل اتفاقيات واستثمارات. في مثل هذه الخلفية نمت حكاية بطل الرواية مستهام، الذي ولد يوم مقتل أبيه في جدة “المملكة العربية السعودية” إلى يوم رحيله عنها شاباً بقصد الدراسة والعمل إلى “المملكة العربية المصرية” وانتهاءً بسفره إلى الجمهورية الفرنسية قاصداً فيها حبّاً كان قد أضاعه ووجده بعد انتظار.
ما يميز هذه الرواية تجليات الانتماء إلى وطن عربي كبير، فنحس ونحن نقرأ تفاصيل مدن مثل جدة والقاهرة والاسكندرية والقدس ودمشق وغيرها وكأنها فلذَّات كبد الكاتب يسكب فيها من روحه ووجدانه وعواطفه، ويقدمها بدفء عارم تجلت مضامينه في وقائع تاريخية وتمظهرت روائياً وفق معايير فنية ترتكز على قصة حبٍّ استثنائية وملغزة ارتضى أبطالها أن يكونوا أسرى للحب وعن طواعية. وهم شاب عربي وامرأة فرنسية وأخرى عربية تعود لأصول تركية. مما يعني عبور الذات/ الكاتبة حواجز الأرض واللغة والدين والثقافة، وانفتاحها ذهنياً على قيم التسامح والاعتراف بالآخر والمحيط الإنساني عامة. من أجواء الرواية نقرأ:
“جدة لم تكن يوماً تطل على البحر!! وفي أحد الأيام سمع البحر أصوات طيور النورس الرشيقة وهي تحلق فوقه وتتهامس عن جمال جدة وجاذبيتها وروعة هوائها، فما كان من البحر إلا أن اتّجه مسرعاً إلى جدة، موجة تلو الموجة، حتى وصل لجدة وتقدم لخطبتها ففتحت ذراعيها وقلبها وتزوجا.. ومن يومها أصبحت جدة والبحر زوجين عاشقين لا ينفك إحداهما عن الآخر..”.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب