رواية الرحلة رقم 370 – وليد عودة
ترتكز رواية «الرحلة 370» للكاتب وليد عودة على فرضية “الأكوان المتوازية”، وهي مقاربة علمية وضعها عالم الفيزياء الشهير ستيفن هوكينج مع فيزيائي يدعى جيمس هارتل ومفادها أنّ بداية نشاة الكون كانت كفقاعات بعضها بجوار بعض، بعض هذه الأكوان يشبه كوننا بقوانينه ومكوناته، وبعضها الآخر يختلف عنه في كل شيء. وهي النظرية نفسها التي آمن بها بعض علماء المسلمين الذين “يؤمنون بوجود أكوان متعددة متشابهة ويستندون في ذلك إلى قول الله تعالى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا [سورة الطلاق، الآية: 12] أي أن الله كما خلق سبع سماوات، خلق أيضاً سبع أرضين مختلفة، ويقول بعض علماء التفسير إنّ هناك سبع نسخ منا نحن البشر على هذه الأرضين السبع”.
ومهما يكن من أمر هذه التفسيرات التي يتقاطع فيها العلم مع الدين فإن هذه الأكوان المتوازية سيتم الانتقال بينها (روائياً) على متن «الرحلة 370» عبر بوابة التخييل الروائي إلى عالم موازٍ أو أرض أخرى حيث سيجد بطل الرواية “يوسف” وعائلته أنفسهم على داخلها بعدما استقلوا الطائرة الماليزية المتوجهة إلى بكين حيث استقبلتهم مدينة أغرب من الخيال تدعى “قرطبة الجديدة” عاصمة “الولايات الأندلسية الغربية المتحدة”! هذا الحدث الغريب بانتمائه إلى عالم اللامألوف يمتلك مشروعيته الروائية لأنه حامل لمعرفة علمية مرتكزة إلى بديهيات معيّنة في العلم والدين سوف تفتح الباب واسعاً للنقاش وتشكل خطوة جريئة في مساحة الإبداع الروائي، وذلك عبر التفافها على نوع من أنواع التجريب الروائي المتمثل بتجاوز الرؤية الموضعية المحدودة للكون وجعلها تلامس مسائل أكثر إثارة.
لقد جعل الكاتب وليد عودة من أبطاله أسرى لحظة زمنية معيّنة لا عودة اختيارية فيها، فقد أدركوا ومَن معهم على الطائرة أنهم وصلوا إلى عالم آخر لا يعرفون فيه أحداً ولا يعرفهم فيه أحد. وبقي لسان حالهم يسأل هل نحن حقاً في كوكب آخر أو بُعْدٍ آخر؟ ماذا لو كنّا في حقيقة الأمر قد متنا ونحن الآن في الجنة؟ هل باستطاعتنا العودة إلى كوننا الذي جئنا منه؟ وهل سنعود إلى نفس الزمن أم سنبقى في زمن مختلف تماماً؟ ماذا لو لم يكن ثمة طريق للعودة؟ وهل من تفسير لِما يحدث؟ يبقى أن نشير إلى مقدّمة الرواية التي ذكر فيها الكاتب أنّ: “تفاصيل حادث اختفاء الطائرة الماليزية رقم 370 الواردة في هذه الرواية صحيحة وواقعية، أما جميع الأحداث الأخرى فهي من نسج الخيال ولا تمتّ إلى الواقع بِصِلة”.
من أجواء الرواية نقرأ: ”أَلجمت المفاجأة ألسنتنا. ”حسناً، يبدو أن روايتكم للأحداث لا تختلف عن رواية باقي الركاب. لقد تأكد لنا أنكم وأثناء تحليقكم فوق أرضكم وفي بقعة ما في السماء، قد تعرضتم لحزمة من الأشعة الكونية المكثّفة أدت إلى فتح ثقب دودي، أو بالأحرى فجوة غرائبية لم تنقلكم إلى مكان آخر من كونكم كما يفعل الثقب وفقاً لنظرية انحناء الكون، بل إلى كون موازٍ آخر بنسخة من الأحداث المتراكمة. ليس ذلك وحسب، بل قد تبيّن لنا أنكم بانتقالكم إلى كوننا، لم تنتقلوا إلى نفس اللحظة الموازية من الزمن، بل بدلاً من ذلك فقد قفزتم مئات السنين إلى الأمام بعد أن اندثر نوعكم هنا تماماً وبات أثراً بعد عين”.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب