رواية سبع وعشرون ليلة – فاطمة بنت السراة
في روايتها «سبع وعشرون ليلة» تدخل الروائية فاطمة بنت السُّراة إلى مسرح الأدب من باب “علم نفس الطباع والأنماط”. فتُركّز على طباع الشخصيات الروائية وتكتب عنها من منظور إنساني عميق، حيث ينفتح السرد على حياة شيخين بدأت تباشير – العمر الثالث – بالظهور عندهم في مستواها الداخلي، كما الخارجي، وقد اجتهدت الروائية في تقديمها وفق تصور واستيهام واقعي يتناسب والشعور بمرحلة عمرية آفلة، يجد الإنسان فيها نفسه مكرهاً، لا مخيراً على تقبلها. (الشخصية الأولى) يغلب عليها “الطبع التجنبي” تبلغ الخمسين من العمر تشكو فقدان النصير، والصاحب، والرفيق، توفيت زوجته بسرطان المعدة الذي لم يمهلها طويلاً، والتف الأبناء والبنات، والأحفاد من حوله، ولكن بقي الشعور بفقدان شريك العمر والوحدة قائماً ويلح على صاحبه، فيهجر منزله بملء إرادته، ويذهب إلى واحد من فنادق المدينة ليقضي بضعة أيام سوف تطول لسبع وعشرين ليلة يتقاسم فيها السكن مع (الشخصية الثانية) التي يغلب عليها “الطبع النرجسي” وهو شيخ أكبر منه سناً، ويدعى محمد حسن أو “سُنسُن” كما يحلو لأمه أن تناديه عندما كان صغيراً. ويبدو أن هذا الـ “سُنسُن” صاحب المنديل الأنيق ذي الحرف الذهبي والثياب الفاقعة الألوان والخاتم المتوهج اللون الذي ورثه عن جدّه الثالث.. مُدللأ لنفسه محباً للحياة؛ وقد ترك منزله لخلاف مع زوجته على أسلوب العيش وطلب الرفاهية. فقد رفضت شريكة حياته السفر معه إلى ألمانيا للتزلج على الجليد. ونصحته بإبدال جواز السفر المزروع في جيبه، والسجائر بقرآن وسجادة صلاة! وعندما ضاق الأول بالثاني ذرعاً، لكثرة ثرثرته قرر العودة إلى منزله. ولكن “سُنسُن” قرر أن يضع في حقيبة ملابس صديقه شيئاً يذكره به ويغري عاطفيا،ً “شهقت.. أعرف هذا الشيء.. البيجاما الفوشيا، ما الذي أتى بها إلى هنا؟!” وسريعاً ألقاها في صندوق القمامة القريب من منزله ولكن الرجل الطيب بواب العمارة وجدها وظنها وزوجته بيجاما نسائية! … لتنتهي الرواية بخسارة الشيخ الوقور لسمعته من دون أي ذنب اقترفه. “خسارة.. كان رجلاً.. وكان على خُلق.. خسارة.. خسارة”.
قدم للرواية بكلمة الدكتورة شنيفاء محمد القرني/ أستاذ الأدب الإنجليزي المشارك بجامعة الملك فهد. ومما جاء فيها: “… رواية قد تبدو بسيطة عندما نحكيها، ولكن تظهر تعقيداتها عندما ننتقل، بين سطورها ونُحلل أحداثها ونحاول فهم شخوصها… حبكة مترابطة، وأحداث بسيطة ومُرتبة بُنيت على شخصيتين متباينتين والتباين ساعد في فهم أبعاد كلتيهما، قُدّمت إحدى الشخصيتين الرئيستين من خلال الكاتبة، والأخرى فهمها القارئ من خلال الأحداث والتباين، وأرى أن هذه نقطة تُحسب للكاتبة لتنوع طرق رسم الشخصيات.
صفحات الرواية عكست ثقافة الكاتبة وعمق تفكيرها وفهمها للحياة، الصراع بين الخير والشر – إن صح التعبير – ظهر من خلال المألوف… الوقور وغير المألوف – المُبتذل. لكل منا طريقته في الحياة والتعامل مع أحداثها وآلامها، وعلينا قبول الآخر أياً كان، ولا يعني ذلك القناعة، ولكن احترام الآخر”.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب