كتاب تفعيل الديمقراطية لمعالجة أزمات الرأسمالية – ريتشارد وولف
لأن الرأسمالية في أزمة، فلا بد من بدائل، لذلك يطرح الدكتور ريتشارد وولف، مؤلف كتاب «تفعيل الديمقراطية لمعالجة أزمات الرأسمالية» فكرة قيادة العمال الذاتية للمؤسسات، وهو ما يُطلق عليه في هذا الكتاب مفهوم Workers’ Self-Directed Enterprises (WSDEs) ، فيعترف بأنه في الحقيقة يطرح صورة جديدة لفكرة قديمة؛ مفادها أن الإنتاج يكون أفضل حين يتم بشكل جماعي تعاوني، وحين يتمّ بطريقة ديمقراطية ويُنفذ بالعمل المُشترك. ويرتكز المؤلف في تحليله للرأسمالية وبيان نقاط ضعفها والتأكيد على أن مفهوم WSDEs يتخطى مسببات هذا الضعف، على نظرية كارل ماركس عن الإنتاج والتحكم به وتوزيع الفائض منه. بعبارة أخرى، يعتمد على “التحليل الطبقي”.وفي هذا الإطار يتطرق المؤلف إلى موضوع الكساد الكبير الذي تلا الأزمة المالية عام 1929. وكيف استطاعت المشاركة السياسية التي أطلقها روزفلت، في خضم فترة ذلك الكساد أن تنجز مشاريع بالغة الكلفة ساعدت الملايين من الناس، حيث تم إقرار قانون الضمان الاجتماعي الذي يؤمن الرواتب التقاعدية لغالبية العاملين في البلد وتنفيذه.. ثم يمضي المؤلف إلى مقارنة ذلك بالأزمة الحالية للنظام الرأسمالي في عهد الرئيس الأميركي باراك أوباما التي لم تتمخض عنها مبادرات على منوال ما قدّمه روزفلت. ولذلك في رأيه أسباب عدة. منها ما شهدته السنوات الخمسون الماضية من ضعف للحركات العمالية واتحاداتها الذي يرجع للغياب الكامل تقريباً للحركتين الاشتراكية والشيوعية اللتين عبّأتا في السابق الجماهير العمالية وحركتاها للمطالبة بإيجاد الحلول، كما لم تجد غالبية أصحاب الأعمال والأغنياء أية ضرورة للدخول في مفاوضات أو إيجاد حلول وسطى تضمن تقبلهم فكرة رفع الضرائب عليهم..
يعتبر المؤلف أن الطبقة العاملة قد أضاعت فرصاً ثمينة في بلدان الرأسمالية الخاصة، ولم تستطع الاستجابة للأزمة القائمة بمساندة التحول نحو مؤسسات “وسديز” التي يديرها العمال ذاتياً في الثلاثينيات، واقتنعت بإصلاحات روزفلت التي أثبتت الأيام أنها مؤقتة وأمكن الالتفاف عليها… لذلك آن الأوان اليوم لهذه القوى أن تطرح هذا الطلب وتضيف التحوّل نحو “وسديز” إلى قائمة التغيرات الاجتماعية.
يوصي المؤلف بإصلاح الرأسمالية من الداخل، وترسيخ دولة الرعاية الاجتماعية، واستبدال مفهوم الصراع الطبقي بالرهان على توسيع قاعدة الطبقة المتوسطة، مع ترسيخ الحريات الفردية، واعتبارها ترياقاً ضد كل الشموليات رأسمالية كانت أم اشتراكية، ويراها بأنها ديمقراطية تعاونية، وبديل ممكن وواقعي لوضع حدّ لابتزازات الرأسمالية وجشعها. والمهم عند المؤلف هو التأسيس الفعلي والعملي لمؤسسات وسديز وتوسيعها. وبهذا المعنى تشكل النظرية وتطبيقاتها لهذه المؤسسة برنامجاً قوياً جذاباً وارداً في القائمة الجادة الموضوعة نحو التغير الاجتماعي.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب