قريبا
رواية ميلاجرو (بين طاحونة الحرب ومعجزة الحياة) – ريما بالي
ميلاجرو» ويعني بالإسبانية «المعجزة» العنوان الذي اختارته ريما بالي لعمل روائي يحكي قصة وطن وقصةَ حب بدأت في حلب السورية وانتهت في النمسا بين “لميا” و”جيرارد”، ولكن بعد ولادة “ميلاجرو” الطفلة المعجزة التي جعلت من العمل قصة حب أبدي كبير حتى وإن اختطف الموت أحد أطرافه…!!
تجري أحداث الرواية أثناء الثورة السورية بين حلب والنمسا وإسبانيا، أي في مكان روائي داخل وخارج حدود الوطن، ليشكل الحب خشبة خلاص من الحرب وتداعياتها بالنسبة لبطلة الرواية لميا التي قررت ترك عملها كمديرة فندق لواحد من أجمل الفنادق السياحية في وطنها الأم، والبدء بحياة جديدة في إسبانيا، ولم تكن تعلم أن القدر يُخبئ لها حباً جديداً.. وطفلة غير شرعية!!تركز الرواية على موضوعتي الحب والحرب وتطرح للنقاش جملة من المسائل والقضايا من إدانة الحرب وطاحونة العنف التي تُخير الإنسان بين أن يكون قاتلاً أو قتيلاً، إلى إدانة التطرف الأصولي، إلى القمع الذي تمارسه السلطه بحق المتظاهرين، مروراً بمطاردة المعارضين، ومشاكل الهجرة واللجوء الإنساني والسياسي، وانتهاءً بسلطة الأعراف والتقاليد التي لا تعترف بالعلاقة بين المرأة والرجل إلاَّ في إطار الزواج وبالتالي تدين موضوعة الأم العازبة ولا تعترف لها بحقها في الحب والأمومة، ما يعني في النهاية طرح خطاب جريء يلامس الثالوث المحرم بأضلاعه الثلاثة السياسة والجنس والدين.في الخطاب الروائي تصطنع ريما بالي لروايتها راوية واحدة تجعلها شريكة في الأحداث فتجمع بين روي الحدث وبطولته، إذ هي ليست مجرد شاهدة عليه بل شريكة فيه، “حتى روايتي التي كنت أتنفس عبر كتابة كلماتها، استعصت عليّ وزادت من اختناقي. إذ كان المحور الرئيس فيها، قصة حب جميلة استلهمها من قصتي مع جيرارد…”.
أي أن الراوية/ البطلة كاتبة تروي وتعي أنها تروي، وأنها تكتب، لذلك كثيراً ما يتم الخلط بين فعل الكتابة وفعل الرواية، وتحديد الحيّز لممارسة كلٍّ منهما. ولعل ما يُميز الروائية ريما بالي عن غيرها أن الراوية لا تريد الإيهام بواقعية الحكاية، فهي ما تني تُذكّر القارئ بما تقوم به، فتذكر أنها تتخيّل هنا، وتفترض هناك، ثم تبني سيناريو متخيّلاً ملائماً تعترف بطلته بأنها في النهاية تكتب رواية، “وليس من المفروض أن تكون قصة حياتي، بل يُمكن أن تكون قصة حياة امرأة من مخيلتي، قد تكون سعيدة وقت شقائي، قد تصبح شقية يوم سعادتي (…)، وقد كنت أعرف أن من قواعد الكتابة أن أُخلص لامرأة خيالي تلك أكثر من إخلاصي لشخصي. كنت أعرف كل ذلك لكنني قد نسيت. في خضم كتابتي المحمومة أضعت الحدود ما بين بطلتي وبيني، واختلطت قصة حبهما بقصة حبي، حتى صار الفصل يحتاج جهداً إضافياً…”. وبهذا المعنى تنجح الروائية ريما بالي في كتابة نص رديف أو نص داخل نص معتمدة لعبة السرد المرآوي، فالرواية/ البطلة لا تسرد قصة بطلتها إلا بحثاً عن حبيبها الهارب للحفاظ على إيقاع الرواية، مع العلم أن الحكاية هي، في قسم كبير منها، صنيعة الروائية وصفاً أو تخيلاً أو تحليلاً، أكثر ممّا هي روي البطلة لحكايتها.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب