كتاب أثر الحروب الصليبية على العلاقات السنية الشيعية – محمد بن المختار الشنقيطي
يتناول هذا الكتاب صفحة من صفحات تاريخ العلاقات بين السُّنّة والشيعة في لحظة حرجة من عمر أمة الإسلام، وهي حقبة الحروب الصليبية التي دامت قرنين من الزمان. ويسعى الكتاب إلى تحقيق مهمات ثلاث هي: تقديم سرد تاريخي لمسار العلاقات السُّنّية الشيعية خلال الحروب الصليبية، أكثر دقة وتركيباً، وأقل تبسيطاً وحِجاجية، من السرد السائد حالياً. وبيان أثر الحروب الصليبية على تطوّر العلاقات السُّنّية الشيعية في تموّجاتها وظلالها المختلفة، بانتباهٍ للتفاصيل وتجنّبٍ للتعميم. وتفكيك الذاكرة التاريخية المتوازيةلدى السُّنّة والشيعة في هذا المضمار.
فالكتاب سعيٌ لترميم الذاكرة التاريخية بتقريبها أكثر من الواقع التاريخي، وتحويل تاريخنا –بوجهيْه المضيء والقاتم- إلى ماضٍ حيٍّ يزخر بالعبرة والخبرة، بعد أن حوَّله آخرون إلى ذخيرة متفجِّرة تدمِّر الحاضر وتلغِّم المستقبل. فلن تخرُج أُمَّتنا من الطريق الذي قادها إلى الجهالة الطائفية والهمجية السياسية التي تعيشها اليوم، إلا إذا أدركتْ كيف دخلتْ هذا الطريق المُعتم ابتداءً.
وإذا كان من عبرة من وقائع التاريخ المبسوطة في هذه الدراسة، ومن تاريخ العلاقات السنية الشيعية بشكل عام، فهي أن الخلاف الديني لا يتحوَّل فتنة سياسية وصراعاً عسكرياً إلا إذا لابَسَه ظلمٌ. وإذا كانت مواجهة الظلم فريضة وفضيلة، ولا مفرَّ من دفْع الصائل، وردْع المتواطئ معه من داخل حصوننا المهدَّدة.. فإن المسوِّغ الشرعيِّ لقتال الظالم هو ظُلْمه، لا دينُه أو مذهبُه أو طائفتُه.
فليس الحل في الرد على الطائفية بطائفية. فثقافة الطائفية والثأر الأبديِّ قد تُعِين على الانتقام، أو على تغيير ميزان القوى الظرفي، لكنها لا تبني مجتمعات العدل والحرية التي تسَع جميع أهلها بمختلف مشاربهم ومذاهبهم. وإنما تنهزم الطائفية بنقْض المنطق الطائفي من أساسه، وبانتصار الفرد الحُرِّ على الجماعة المُغلَقة، لا بانتصار طائفة على أخرى. أما الدواء الشافي للطائفية الذي لا دواء سواه، فهو العدل والحرية للجميع، دون ازدواجية ولا مثْنَوية.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب