رواية الغابة السوداء تتكلم – صلاح عبد اللطيف
في سرد سلس وبناء روائي مُحكم يقدم الكاتب بانوراما إنسانية عن المهجرين العرب في لحظات تاريخية صاخبة ودقيقة، كما يرصد الآخر (الغربي) في علاقته الملتبسة بالمُهاجر العربي، ومن خلال رسم شخصيات مثل: زكي، تميم، مونيكا، لاورا، وغيرهم، يُدخلنا الكاتب عالم غريب وجديد على الرواية العربية، كاشفًا عن المشترك الإنساني بين الغرب والشرق. وفاضحًا ضلالات النخب العربية، وذلك في شكل فني روائي يعتمد على رصد لحظات التحول والصراع داخل الشخصيات، سواء كانت شرقية أم غربية، معتمدًا على التصوير الدرامي واستبطان دواخل الشخصيات، مستعينًا بتقنية الراوي العليم الذي يكشف تاريخ شخصياته وملامحها الخارجية والداخلية، في قالب روائي مُحكم وموجز ومن خلال سرد سلس ونافذ، يُعري الكاتب أزماتنا العربية في النصف الأخير من القرن العشرين، ويقدم طرحًا جديدًا لمشكلاتنا السياسية والاجتماعية دون السقوط في فخ التنظير، إنما من خلال صراع الشخصيات وتفاعلها مع نفسها وأزمتها وهويتها، أو مع الآخر.
ودن إملال، حيث تتميز الرواية بالإيجاز والسرعة، فضلاً عن العمق والجدة.”الغابة السوداء تتكلم” رواية عنا نحن، وعن مشكلاتنا السياسية والثقافية وإرث العداوة والبغضاء الذي يحفر عميقًا في توجهات المسيطرين على مقدراتنا سواء في الداخل أو في الخارج، عن تشظي الهوية وطمسها تحت شعارات جوفاء، كأن الرواية تقدم كشف حساب فاضح وقوي للنخب العربية في فترة ما بعد الاستعمار، والتي لم تفلح في تبني خطاب إنساني أوتنويري حقيقي، بل تلاعبت بعواطف ومشاعر المواطنين، ورسخت لعنترية فارغة وضجيج بلا طحن.
أزمة “تميم” مع محيطه هي أزمة “مونيكا / منى” مع محيطها، وتحولات “زكي” الراديكالية تشبه عزلة “صادق”، الكل في أزمة، نجح الكاتب في كشفها وتجسيدها دراميًا واضعًا يده على جراح تعفنت وأرواح تشتت وتلوثت من جراء خطاب الكراهية والعداء، في عالم عربي أدمن نحيب الأرامل.
بين مصر والعراق وفلسطين والمغرب والغابة السوداء ونيويورك يطوف بنا الكاتب، كاشفًا، بصراحة وصدق، نكبتنا وهزائمنا، ووزيف شعارتنا، وينكأ جراح بشر بحجم الوطن.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب