رواية تغريبة بني صابر – مختار سعد شحاتة
ربما طلبنى مختار أن أكتب مقدمة لهذه الرواية لأنني واحدٌ من الذين جلسوا في غرفة الشباب يومًا، ولكنني أعتقد أن هناك سببأً آخر وأهم؛ هو أنني فنلندي عاش في تلك القرية المصرية عند بحيرة البرلس. تختلف البلدان في صفات كثيرة، ولكن هناك شيء مشترك بينهما: البحيرة.
فنلندا مليئة بالبحيرات، وقبل بناء الطرق المرصوفة، وهجرة معظم الناس من القرى إلى المدن، كانت البحيرات أهم طريق للتنقل، وصيد السمك كان مصدرًا للأكل أساسياً. ومع أن طبيعة البحيرات وشكل القرى وأساليب الصيد تختلف كثيراً بين هنا وهناك، فربما كانت البحيرة من ضمن الأشياء التى جعلتنى أحس بالألفة وليس بالغربة في تلك القرية. وليس من الصدفة أن تتحرك أحداث الرواية ما بين بحيرة البرلس وشمال السويد وجارتها فنلندا.
أماكن الرواية كلها بعيدة عن مراكز العالم السياسية والاقتصادية والإعلامية. بحيرة البرلس في محافظة كفر الشيخ تقع في إقليم من أقاليم مصر لا وجود لها تقريباً على خريطة مصر الرمزية شديدة المركزية التي تسيطر عليها القاهرة والإسكندرية والأماكن السياحية والأثرية. مدينة كيرونا في السويد تقع في أقصى شمال البلاد وهي الأخرى بعيدة عن السلطة السياسية والقوة الاقتصادية. أماكن أخرى مثل قرية للفلاحين في شمال فنلندي، ومقام العارف بالله سيدي أبى الحسن الشاذلي فى أقصى جنوب مصر وبلادالأمازيغ في شمال مالي أيضاً أماكن هامشية. لكن كما قال الشاعر “حمدي زيدان”: الهامش هو الربح. بالنسبة لصاحب الرواية، هذه الأماكن عواصم سرية تتبلور فيها أعماق وحقائق ربما لا نستطيع أن نوصل إليها إن نظرنا إلى العواصم الرسمية.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب