رواية تل اللحم (قصة مرايا سيد مسلط) – نجم والي
“برهة قصيرة تطلعت حولي. شعرت بنفسي وحيداً وسط ظلام المقبرة، صوّبت بصري باتجاه المقبرة، فرأيت على الجدار القريب من الباب، شبحاً بلباس أبيض، متمثلاً بشكل امرأة، في الحقيقة، شكله الخارجي امرأة، بلباس أبيض، بشعر أبيض، بجسم أبيض، بشفافية مفرطة، غير طبيعية، مثل مرآة، واقفة عند نهاية قمة جدار المقبرة، رافعة يديها، وكأنها بدأت للتو بالصلاة، ولكن وهي مدلية ظهرها للقبلة، ركزت النظر عليها، ولم أصدق ما رأيته، حاولت بطريقة أو بأخرى تفسير المشهد بشكل منطقي لكي أعرف، فيما إذا كان ما أراه حقيقياً أم خيالياً، ولكن قبل أن أصل إلى قرار، رأيت أضوية تخطف، تشبه أضوية قطار يمرّ بسرعة جنونية، وسط الظلام الذي كان ما يزال مسيطراً، وهي لا تزال واقفة كما هي، مثل تلك الحمامة التي ضلت طريقها، حينها عرفت، علي أن أسير بخطوات أسرع، خلف تلك المرأة، المرأة التي أحبها، أو المرأة التي بدأت أحبها، وفي النهاية، فقط معها، مع مرايا سيد مسلط، يمكنني الخروج من المقبرة، مقبرة الغرباء ‘تل اللحم’.”
بشيء من الواقعية، وبكثير من الخيال يصوغ نجم والي روايته “تل اللحم” التي تختلط فيها الأوراق: الحرب العراقية، قصص الحب، الأساطير، الأوهام، تختلط تلك الأوراق بإبداع الإنسان لينسج عالماً يدخله القارئ بوجل، يضيع في أرجائه، ينصت إلى إيقاعات الراوي الإنسانية الفلسفية، الحياتية، يمضي معه في استدراجاته، بشغف لمتابعة حكايته إلى آخر حروفها.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب