رواية قلوب الناس المعذبة – ناتسومي سوسيكي
تعتبر هذه الرواية تجسيد لمرحلة أخرى في حياة الكاتب الياباني ناتسومي سوسيكي لقد تحول من كاتب بهجة إلى كاتب أسى تخوض إلى أعماق النفس البشرية، خصوصاً عند مقارنتها مع اعمال الكاتب السابقة مثل ” بوتشان “، كما أنها تعتبر مثال حي وبارز للأدب الياباني الحديث ورغم أن الترجمة الحرفية لمعنى الرواية يأتي ” قلب ” إلا أن الأسم أقرب إلى ” مشاعر” ، إن الملل هنا هو شيء لا بد منه خصوصاً إن لم تكن من هواة الحوارات الطويلة أو من المهتمين بالأدب الياباني ، إلا أن هذه الرواية بلا شك ستترك بصمتها عليك. تبدأ الرواية باللقااء الغريب بين البطل والرجل العجوز الذي يسبح بحرفية والذي يشير إليه البطل بأسم ” المعلم طيلة الحكاية، سنتعرف على فلسفة المعلم في الحياة وكرهه أو عدائيته المفرطة للبشر، فذلك العجوز يكره كل من حوله حتى زوجته وصديقه، وفي خضم تلك الحوارات ستشعر وجود سر كبير في حياة ذلك الرجل الذي يخوض مع ذلك الشاب الجامعي علاقة جميلة تقوم على مبادلة الأفكار والنظرات الحياتية فتلاحظ شاباً خالياً من الوجهات والخبرة يتحادث مع رجل قد امتلك خبرة حياتية كبيرة،، ثم تكتشف علاقة الشاب بوالده وإنحيازه الكلي إلى المعلم على ذلك الريفي رغماً عن العلاقة الدموية الأسرية وهذه العلاقة أثارت غضبي وسخطي قرابة نهاية الفصل الثاني، فقد أدار البطل بظهره على من يستحق اهتمامه نحو شخص لم يعرف عنه إلا القليل. الفصل الثالث هو الأكثر صدة بالنسبة لي فهو ماض المعلم، وقد كان ذلك الماض مليء بالمشاعر المتخطبة ، مشاعر الشك والندم والطمع وكيف قد تقود التجارب الحياتية بالإنسان إلى الجنون. هذه الرواية هي صرخة من كاتب لا يزال متعلق بعصر الإمبراطور ميجي وخائف من مواجهة العصر الجديد، خائف من التحديث المحتوم على المبادئ والفضائل البشرية، وذلك الخوف أعماه وجعله ينظر إلى كل فضيلة كأنها ذنب، فحتى الحب لم يعد يؤمن بوجوده، والثقة قد ماتت في أعماقه، المعلم لا يؤمن سوى بفضيلة واحدة وهي الوفاء وذلك ما جعله يخبر سره إلى ذلك الطالب الذي لا يزال في مقتبل عمره ، ورغم سوداوية المعلم ونظرته القاتمة للحياة.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب